الحلقة العاشرة: احتلال العرب للمشرق : معركة اليرموك التاريخية الأليمة( 22 آب 636)... تاريخ لن ينساه روم المشرق إلى الأبد..... Rodrigue Khoury
بعدما وجد الامبراطور هيراكليوس أن الكثير من الروم السوريين أصبحوا لاجئين من مكان إلى مكان بسبب هجمات العرب عليهم ، وبعدما رأى الكثير من مدن الروم المشرقية الكبرى تسقط بيد العرب ... قرر إرسال قوة امبراطورية ضخمة ، جمعها من جميع أمم الامبراطورية المترامية الأطراف آنذاك.
وجمع ما جمع من المرتزقة، وقد ضمت القوة كلاً من الأرمن وعلى رأسهم رئيسهم "باهان"، والعرب اليعاقبة بقيادة أميرهم جبلة بن الأيهم الغساني ، والروس ( الوثنيون آنذاك ) ... وكان على رأس الجيش ثيوذوروس شقيق الملك هيراكليوس ومعه الجيش الرومي الأصيل وهو الأكثرية في الوسط، وقد كان مشكلاً من وحدات أوروبية ورومية مشرقية . ويقدر عدد الجنود الروم الآتين لتحرير سوريا من المحتل العربي بحوالي ال 200 ألف جندي.
أما العرب فلما علموا بذلك فقد دب الرعب في قلوبهم وبدأوا ينسحبون من المدن التي احتلوها، فأخلوا حمص وانسحبوا من دمشق.
تجمع العرب بخيامهم قرب نهر اليرموك أحد روافد الأردن الشرقية وربضت جيوش الروم على الجهة المقابلة.
1- الروم بصلبانهم وسيوفهم ، والعرب بسيوفهم وجهاً لوجه على ضفاف اليرموك: 16 آب 636:
أقبل الروم إلى المعركة ولهم دويٌّ كدوي الرعد وأثاروا غبارًا شديدًا، وجاءوا بأعداد ضخمة رافعين الصلبان وواضعين على مقدمتهم الكهنة والرهبان الذين بدأوا يحمسون الجنود قائلين : إن هذه معركة بين الإسلام والمسيحية ".
وقد قام 80 ألفاً من جيوش الروم بربط أرجلهم بالسلاسل الحديدية رمزاً للبطولة والشجاعة ، ورمزاً لأنهم قرروا أن "يموتوا ولا يفروا من المعركة".
ومن جهة المسلمين أشار خالد بن الوليد إلى دعاة المسلمين أن ينطلقوا ويحَمِّسوا الناس؛ لأنه شعر أن بعض الأفراد قد أخافتهم كثرة حشود الروم، فانطلق الدعاة يحمسون الناس ويرغبونهم في الجنة.
2- فوضى في صفوف الجيش الرومي ، وخيانة الغساسنة :
قام أحد قادة الجيش الرومي يدعى "جاورجيوس" بالخيانة، فاعتنق الإسلام وراح يقاتل إلى جانبهم ضد بني قومه.
ثم امتنع العرب الغساسنة عن القتال إلى جانب الروم ، وانسحبوا من الميدان في الساعات الأخيرة مع أميرهم جبلة وهو على مذهب اليعاقبة ، وهي البدعة المونوفيسية التي كانت على خلاف شديد مع الروم الأرثوذكس.
اغتنم خالد الفرصة فالتف على الروم من جهة الشرق فقطع خط اتصالهم بدمشق. كما احتل الجسر فوق وادي الرقاد فحاصرهم من الغرب والشرق.
وبقي الروم في المعركة ، وبينهم الكثير من الرجال غير المتمرسين بالقتال الذين انضموا إلى الجيش ليدافعوا عن بلادهم وهويتها المسيحية الرومية.
3- القتال يستمر 6 أيام ،ينتصر العرب فيها انتصاراً كاسحاً :
ونشب القتال بعنف في اليوم الأول ، وزحف الروم بأعدادهم الكثيرة فردهم المسلمون ... وفي هذا اليوم كان الجرحى يعدون بالآلاف ، من كثرة السهام ، وصوب الروم سهامهم على فرسان المسلمين واعورّ من المسلمين سبعمائة فارس (أي أصيبوا بعيونهم) ، فسمي ذلك اليوم يوم التعوير...
وفي اليوم الثاني وقف عكرمة أحد قادة العرب وقال: من يبايعني على الموت ؟ فبايعه أربعمائة من الرجال ، فقاتلوا حتى أصيبوا جميعاً بجراحات ، ودامت المعركة يوماً ونصف .
وفي اليوم السادس من المعركة:
22 آب سنة 636 انقض خالد على الروم مهاجماً ، فاقتحم صفوف الجيش الرومي ، فقتل من قتل وشرد من شرد.
وكان الجيش الرومي قد انحصر بشكل لم يعد يستطيع فيه الجنود استخدام سلاحهم بشكل طبيعي، ولذلك فقد هزموا بسرعة محاولين إيجاد طريق للهرب عبر الوادي وبدون نجاح... فبعضهم وقع في الوادي ، بينما استشهد الآخرون أو أسروا لتنتهي بذلك معركة اليرموك.
وانتهت المعركة بمقتل ثلاثة الآف من المسلمين ، وحوالي 120 ألفاً من الروم .
ثم تابع خالد بن الوليد وفريقه فلول باهان المتجهة إلى دمشق واشتبك معهم ، فقتل باهان على يد أحد المقاتلين المسلمين الذي قطع رأسه وصرخ: " والله قد قتلت ماهان" .
بعد هذه المعركة العظيمة فتح خالد مدينة دمشق من جديد.
4- هرقل امبراطور الروم يبكي على فقدان سورية، ويهرّب الصليب وذخائر القديسين:
وعندما وصلت أخبار الهزيمة المأساوية إلى هرقل... هرب من حمص إلى أنطاكية ... وهناك في مدينة أنطاكية، أصبح محطماً حزيناً ...
فكر بالقيام بهجمة أخرى لتحرير المشرق ولكنه لم يعد بعد يملك الرجال ولا المال الكافي ليدافع عن مناطقه .
ثم ذهب إلى كاتدرائية أنطاكية طالباً الشفاعة. وقام باستدعاء مستشاريه في الكاتدرائية للتمعن في أسباب الهزيمة... فقال الجميع بأن الخسارة هي قرار من الرب ونتيجة لذنوب الشعب، وهو من ضمنهم، وقد قبل بهذا التفسير.
وبعدها انتقل هرقل على متن سفينة إلى القسطنطينية ليلاً، وقيل بأنه ودع المشرق عندما ابحرت سفينته، وقال: "الوداع يا سوريا، يا بلادي الجميلة، أنت درة العدو الكافر الآن، سلام عليك يا سورية سلاماً لا لقاء بعده ، اي ارضٍ جميلة ستكونين لهم"...
هجر هرقل سوريا آخذاً معه الصليب المقدس مع آثار أخرى من اجل الحفاظ عليها من العرب الغزاة، والتي كانت محفوظة جميعها في مدينة القدس، ونقلها إلى القسطنطينية.... (يتبع
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.