dimanche 11 décembre 2011

الحلقة 14 : طرابلس والكورة... قلعة روم الساحل المشرقي تسقط بيد العرب بعد قتال لسنوات

الحلقة 14 : طرابلس والكورة... قلعة روم الساحل السوري تسقط بيد العرب بعد قتال لسنوات... 

في النظام الرومي ، كانت كل مدينة كبرى يجاورها عدد من البلدات التابعة لها ، تسمى "خورا" باللغة اليونانية ... فقرب القسطنطينية "خورا" ، وقرب اللاذقية خورا ، وقرب طرابلس أيضاً خورا، حافظت على تسميتها حتى اليوم فأصبحت "كورة" ... وهي القضاء اللبناني المسكون اليوم بالروم الأرثوذكسيين قرب طرابلس. 

بعدما احتل العرب كل المدن الرومية الكبرى في الشرق ، لم يبق أمامهم سوى طرابلس والكورة . فبعدما سقطت أنطاكية سنة 638 ، وسقطت كل المدن الكبرى القدس ودمشق وحلب وحمص وحماه وبعلبك... وبعدما سقطت كل المدن الساحلية أيضاً بيد العرب ، اللاذقية وطرطوس وبانياس ، وبيروت وصيدا وصور ... 

- معركة أولى: حوالي السنة 636 : 
هاجمت قوة من المسلمين الإرهابيين مؤلفة من 500 رجل جموع الروم وهم في سوق كبيرة لهم عند دير بالقرب من حصن أبي القدس في منطقة البداوي اليوم.
وكان الروم من الأطفال والنساء والرهبان والرجال يعدون بحوالي 20 ألفاً فأصابهم الذعر بعدما رأوا مجزرة تنفذ بحقهم... فهرعوا إلى أسلحتهم الفردية بما تيسر ،بين صرخات الأطفال وولولة النساء وصيحات الرجال... وقاتلوا ... وكادت الغلبة تكون لهم لولا مجيء خالد بن الوليد بجيوش كثيرة، فطاردوا الروم وهزموهم . وقتل في هذه المعركة الآلاف من الروم ، وبينهم بطريق المدينة. لكن المدينة بقيت بأيدي الروم.. 
- بسبب مقاومة روم طرابلس ، حرر الروم بيروت وجبيل وصيدا مجدداً : 
بقيت طرابلس والكورة صامدة تقاوم العرب حتى العام 645. وكان سكانها الروم يتصلون بالامبراطور البيزنطي ويحصلون منه على الإمدادات ... وبسببهم استطاع الروم تحرير بيروت وصيدا وبعض المدن الساحلية مجدداً لسنتين كاملتين. لكن هذه الأخيرة عادت فسقطت تحت الاحتلال العربي وبقيت طرابلس تقاوم ، ولا يتجرأ أحد من العرب على مهاجمتها. 
الحصار : سنة 645:
بعد مقتل الخليفة عمر تسلم عثمان مقاليد الخلافة. وسلم ولاية الشام لمعاوية بن أبي سفيان. فقرر معاوية حصار طرابلس والانتهاء منها. فأرسل القائد سفيان بن مجيب الأزدي لإخضاع الروم في طرابلس.
وكان العرب قد أسقطوا عكار ( عرقة- أركاذيوبوليس) شمال طرابلس ، وكل المدن الواقعة جنوبيها جبيل وبيروت وصيدا وصور... فأصبحت معزولة ليس أمامها سوى البحر... 
وكان هناك عدة حصون رومية حصينة قرب طرابلس ، كحصن "أنفه " وحصن "القالمون" وحصن أبي العدس وأرطوسية.
نزل سفيان بجيوشه في مرج كان يعرف بمرج السلسلة عند سفح جبل تربل . وبدأ من هناك حربه ضد روم المدينة.
أما سكان المدينة ، وهم جميعاً من الروم ما عدا قلة قليلة من اليهود، فقد اعتصموا بحصن خارج المدينة عند كنيسة هناك.
فقام سفيان بعدة هجمات يومية على حصون طرابلس والكورة وكان الروم يصدونه بشراسة. وكل مرة كان يعود خائباً ... أرسل سفيان الكثير من الرسائل إلى سكان المدينة بواسطة تراجمة، لأن الروم ما كانوا يعرفون إلا لغتهم الرومية(اليونانية) وما كانوا يفهمون اللغة العربية... لكنهم كانوا يعاندون ويطردون الوسطاء ويقولون : لن نسلم مدينتنا للبربر أبداً" ... 
- يأس العرب وتغيير الخطة: 
طال الحصار والروم يقاومون مقاومة الأبطال ويقتلون من العرب يومياً عشرات المهاجمين.
فكتب سفيان إلى معاوية يقول له إن الحصار يطول ، والروم في طرابلس يحصلون على الإمدادات من الجزر الرومية ، ومن القسطنطينية عن طريق البحر.
فأتت إمدادات عربية ضخمة . وبنى العرب حصناً كبيراً تحصنوا فيه فوق تلة مطلة على المدينة تقع اليوم في منطقة أبو سمرا. وحاصروا الروم من البر والبحر.
ضيق سفيان الخناق على طرابلس حتى أجبر أهلها على الالتجاء إلى الحصن الغربي عند رأس المينا القريب من الجزر.
أوضاع اقتصادية مريعة:
تحت وطأة الحصار ، عانى روم طرابلس من الجوع... من البرد ... من قلة الذخيرة... لكنهم لم يقبلوا الخضوع وتسليم مدينتهم للغريب.
وبعدما اشتد الجوع ،راحوا يفكرون جدياً بالنجاة من قبضة سفيان بعد أن يئسوا من طول الحصار الذي امتد أشهراً ، وقد نفذت منهم المؤن والأقوات. ولم يستطيعوا الخروج من المدينة للتصدي لقوات سفيان. فكتبوا إلى امبراطور الروم قسطانس الثاني ، يسألونه أن يمدهم بالعتاد ليقاتلوا العرب ويحفظوا مدينتهم رومية أرثوذكسية.... لكن الامبراطور لم يستطع إرسال جيش، فأرسل للروم مراكب مدنية تسللت ليلاً إلى ميناء المدينة .
وحمل الروم أمتعتهم وأثاثهم وأغراضهم وأموالهم وودعوا مدينتهم وأخلوا المدينة بكبيرهم وصغيرهم ، وأبحروا تحت جنح الظلام إلى القسطنطينية . 
- الروم يسلمون طرابلس للعرب ... كومة من الرماد: 
وأشعل الروم النار في المدينة من كل جوانبها ... غضباً من أن يروا مدينتهم العظيمة بأيدي العرب . 
وفي اليوم التالي ، خرج سفيان لشن هجومه اليومي فتفاجأ أن الحصون خالية، فدخلها العرب. ووجدوا يهودياً كان قد احتمى من النار في سرداب ، فأخرجوه واستجوبوه ، فأخبرهم كيف هرب الروم من المدينة في المراكب. 
أما روم الكورة ، فبعدما قاتلوا عن أهلهم وعرضهم وهوية مدينتهم (طرابلس) الرومية ... خاصة في بلدتي أنفه ووجه الحجر (قرب حامات) وبعد سقوط شهداء بالمئات ... فمنهم من هرب إلى القسطنطينية، ومنهم من بقي في منطقته ، يدفع الجزية للمسلمين. ... وهذه المنطقة ما زالت محافظة على طابعها الرومي الأرثوذكسي حتى اليوم. كون القرى التي يعيشون فيها لم تدخلها الجيوش العربية بالقوة نفسها التي دخلت مدينة طرابلس... 
طرابلس كانت آخر مدينة في الشام احتلها العرب قبل احتلال قيصرية فلسطين بسنة واحدة... وبذلك يكون العرب قد سيطروا على المشرق نهائياً ... وبدأت عملية تعريب الشعب الرومي منذ ذلك الحين .. ومنع الروم من استعمال لغتهم اليونانية أحياناً كثيرة، خوفاً من أن يبقى روم الشرق على تواصل مع روم القسطنطينية ويحرروا بلادهم من جديد...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.